لقيمات موسيقية
بعد انتظارٍ طويل للقاء جديد مع "الدكتورة عوجة"، بدأت زيارتي أخيرًا إلى مستشفى الجامعة الأردنية. كان قد مرّ وقت منذ آخر تعاون لنا، وكنت متحمّسة لاستعادة إيقاع العمل المشترك. بدأنا يومنا بتمارين جسدية وتمارين تواصل خفيفة، فامتلأ المكان بطاقة إيجابية وانسجام جميل ونحن ننتقل من غرفة إلى أخرى.
في صباح ذلك الثلاثاء، دخلنا الغرفة الثانية التي كان يسودها جوّ من التوتر. هناك رأينا باسِم، طفلًا صغيرًا يرتدي اللون الأصفر، يجلس على سريره. كانت والدته وأخصائية التغذية بجانبه، وأمامه صحن يحتوي على خيار، وحمص، وجبنة، وزيتون. ورغم محاولاتهما اللطيفة لتشجيعه، بدا باسِم مترددًا وغير راغب في الأكل.
اقترحت أخصائية التغذية أن نحاول التفاعل معه لجعل الأكل تجربة أكثر متعة. اقتربت أنا والدكتورة عوجة من الصينية، وبدأنا نؤلف أغنية مرتجلة نغنّي فيها اسم باسِم ومكونات الطعام أمامه. ومع كل جملةٍ مرحةٍ نغنيها، كانت والدته تغمس قطعة خبز في الحمص وتقدّمها له. شيئًا فشيئًا، بدأ باسِم يستجيب، يفتح فمه ويأكل بينما نواصل الغناء.
تحوّل جو الغرفة بالكامل — من الصمت والتوتر إلى الفرح والضحك. ازداد حماس باسِم، وطلبت والدته والأخصائية منا أن نبقى حتى ينتهي من طعامه، فواصلنا الغناء وأضافت الدكتورة عوجة حركات راقصة خفيفة. ومع كل لقمة، كانت الابتسامة تكبر على وجهه الصغير. وعندما انتهينا، كان باسِم لا يأكل فقط... بل يغني معنا أيضًا! حتى والدته وأخصائية التغذية بدأتا ترددان لحن الأغنية وهما تشجعانه.
لاحقًا، خرج باسِم إلى الممر يلحق بنا، ووالدته تشكرنا بعينين تملؤهما الامتنان، قائلة إن ما حدث غيّر كل شيء في لحظة. كان مشهدًا ساحرًا — تذكيرًا جميلًا بقوة التواصل والإبداع حين يجتمعان على شفاء القلوب قبل الأجساد.